تحليل إتجاهات صناعة الطاقة العالمية ومكانة “مپنا” في المستقبل المستدام

صنعت انرژی
في عام 2025 للمیلاد، تشهد صناعة الطاقة العالمية تحولات عميقة مدفوعة بالنمو السريع في الطلب، والتركيز على الاستدامة، وتقدم التقنيات الجديدة.

وتشير تقارير الوكالة الدولية للطاقة (IEA) الى أن الطلب العالمي على الكهرباء قد ارتفع بأكثر من 4.3% في عام 2024 م بحیث یکون هذا الطلب مدفوعًا بشكل كبير بالتوسع السريع لمراكز البيانات، والبنية التحتية للذكاء الاصطناعي، والنقل الكهربائي، وتزايد احتياجات التبريد في ظل تغير المناخ بحیث يُعدّ قطاع البناء والصناعات القائمة على التكنولوجيا، على وجه الخصوص، من أبرز القطاعات المؤثرة في هذا النمو في الطلب.

وتماشياً مع هذه الزيادة، قد اكتسبت الطاقات المتجددة حصة كبيرة في محفظة توليد الطاقة الكهرباء العالمية. مع نهاية عام 2024، وصلت حصة المصادر النظيفة في توليد الكهرباء على مستوى العالم إلى 40.9% بحيث كانت الطاقة الشمسية هي الرائدة بنمو بلغ 29%. وتشير التحليلات إلى أنه في نهاية عام 2025، سوف يتفوق توليد الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة إنتاج الكهرباء من الفحم لأول مرة.

وعلى الرغم من النمو الكبير الذي شهدته مصادر الطاقة المتجددة، فإن الضغوط المتزايدة على سلسلة توريد المعادن الحيوية مثل النحاس والليثيوم قد أصبحت أحد التحديات الرئيسية في التحول في مجال الطاقة.وقد أثارت توقعات الوكالة الدولية للطاقة(IEA) بنقص إمدادات النحاس بنسبة 30% بحلول عام 2035 للميلاد مخاوف جدية بشأن استدامة هذا الاتجاه.

ولمواجهة هذه التحديات، قد أصبحت الطاقة النووية مرة أخرى محور السياسات الكلية. يتسارع تطوير المفاعلات النووية المعيارية الصغيرة (SMRs) في البلدان الرائدة باعتبارها حلاً آمنًا وقابلًا للتطوير واقتصاديًا لإمدادات الكهرباء الأساسية في عصر إزالة الكربون.

وفي الوقت نفسه، قد أدّى إعطاء الأولوية للبنية التحتية المستدامة والتكنولوجية من قبل الحكومات والمستثمرين إلى وصول الاستثمار العالمي في الطاقات النظيفة إلى مستوى قياسي تاريخي قدره 2.1 تريليون دولار في عام 2024 للميلاد، وهو الاتجاه الذي يعيد تعريف الهيكل المستقبلي لصناعة الطاقة.

وتمرّ سوق الطاقة الإيرانية أيضًا بوضع حرج ولكنها مليئة بالإمكانات. ويعدّ اختلال التوازن بين الإنتاج والاستهلاك، وعدم كفاءة هيكل العرض، والضغط المتزايد على شبكات الغاز والكهرباء من بين التحديات الأكثر أهمية هذا العام.

وبحسب الإحصاءات الرسمية، لا يزال أكثر من 90% من محطات الطاقة في إيران تعتمد على الوقود الأحفوري. يأتي هذا في الوقت الذي تسبب فيه نقص الغاز في الشتاء الماضي في انخفاض الإنتاج وانقطاع التيار الكهربائي على نطاق واسع في القطاعين المنزلي والصناعي کما أنه خلال فصل الصيف، يؤدي النمو المفرط في استهلاك الكهرباء – وخاصة في قطاع التبريد – إلى زيادة الضغط على الشبكة. وبالإضافة إلى ذلك، فإن انخفاض الإنتاجية، والتآكل في المعدات، ونقص التنوع في مصادر إمدادات الطاقة، كل ذلك قد أدّى إلى تعقيد الوضع بشكل أكبر.

إلى جانب هذه التحديات، هناك فرص ناشئة أيضاً. إن الجمهوریة الاسلامية الايرانية من حيث الإمكانات الجغرافية، تعتبر واحدة من البلدان الأكثر ملاءمة لتطوير الطاقات المتجددة في المنطقة. ومع ذلك، لا تزال حصة الطاقة النظيفة في محفظة الكهرباء في البلاد أقل من 2%. وبحسب وزارة الطاقة الإيرانية، فإن القدرة الحالية لمحطات الطاقة المتجددة تبلغ نحو 1450 ميغاواط، وكان من المقرر زيادتها إلى 4800 ميغاواط بحلول مارس/ آذار2026  م.

لقد أصبح الدور الفعال الذي تلعبه المجموعات التي تعمل في وقت واحد في مجالات الإنتاج وتطوير التكنولوجيا وإنشاء البنية التحتية الجديدة ذا أهمية مضاعفة في المشهد المعقد والمضطرب لصناعة الطاقة في إيران. تسعى مجموعة “مپنا” باعتبارها واحدة من اللاعبين العريقين في مجالات الطاقة والنقل والبنية التحتية، خلال السنوات الأخيرة إلى إعادة توجيه أنشطتها بما يتماشى مع التطورات العالمية في صناعة الطاقة.

وفي قطاع توليد الطاقة الكهربائية، قد اتخذت شركة “مپنا”، والتي تحظى بتاريخ طويل في تطوير وتشغيل محطات الطاقة الحرارية، خطوات إستراتيجية في مجالات جديدة بما فیها الطاقات المتجددة، ورقمنة العمليات، وأنظمة إدارة الطاقة الذكية. یدلّ تطوير محطات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح ــ وإن كان في مرحلة مبكرة ــ عزم مجموعة “مپنا” على لعب دور فعال في مستقبل محفظة الطاقة في إيران. وفي الوقت نفسه، بدأت مجموعة “مپنا” أيضاً أنشطتها في مجالات مثل تخزين الطاقة، وتحسين الاستهلاك، والشبكات الذكية، وتوليد الكهرباء الموزعة.

ورغم أن هذه الاجراءات لا تزال في مراحلها الأولى، فإن توافقها مع احتياجات سياسات البلاد، بما في ذلك تقليل إختلالات التوازن، وزيادة الإنتاجية، وخفض كثافة الطاقة، يوفّر منصة مناسبة لتوسيع التدخلات الاستراتيجية في المستقبل.

في إطار برامج الاستدامة لمجموعة “مپنا”، قد تم ترسيم أهداف محددة لإدارة الموارد، وتقليل الملوثات، وتحسين المؤشرات البيئية في وحدات التشغيل والتعاقد.كما أن تنمية رأس المال البشري، والشفافية في سلسلة التوريد، وتحسين مستوى التفاعل مع أصحاب المصلحة قد كانت من بين مجالات التركيز الأخرى لهذه المجموعة.

إن التحرك نحو الاستدامة والتنويع والإنتاجية في ظل الظروف التي تواجه فيها صناعة الطاقة متطلبات ناشئة واتجاهات عالمية جديدة يتطلب وجود لاعبين ملتزمين ومرنين ومتوافقين مع الظروف المحلية والعالمية. وفي الوقت نفسه، سوف تتمكن المنظمات التي تتبع مسار التحول بشكل مسؤول وتدريجي من لعب دور مفيد في تشكيل مستقبل مستدام.

يشارك:
Scroll to Top