صفحة خاصة
"مپنا"، ضرورة تاريخية لصناعة النفط والطاقة في إيران
"مپنا"، ضرورة تاريخية لصناعة النفط والطاقة في إيران
على الرغم من أن تأميم صناعة النفط الإيرانية في نهاية الأربعينيات من القرن العشرين للميلاد، أعطى البلاد الحق في السيادة على الموارد النفطية، إلا أنه كان لا بدّ من مرور عدة عقود قبل أن يصل قطار تأميم هذه الصناعة إلى محطة تصنيع التكنولوجيا والمعدات.
إن مجموعة “مپنا” التي بدأت أعمالها في التسعينات من القرن العشرين للميلاد بغية إدارة مشاريع محطات توليد الكهرباء في البلاد، وبعد عقد من الزمان والاعتماد على تجارب مبهرة في مجال مشاريع محطات توليد الكهرباء الكبيرة والناجحة، تركزت على صناعة النفط والغاز بهدف استخدام قدراتها الفنية والإدارية الجديدة.
لقد وضع قطاع النفط والغاز في مجموعة “مپنا” والذي بدأ عمله في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين للمیلاد، تطوير مشاريع النفط والغاز في البرّ والبحر على جدول أعماله منذ إنشائه.
ومن بين الشركات العديدة التابعة لمجموعة “مپنا”، تم إنشاء شركة “نور كيش” للحفر بهدف تنفيذ مشاريع الحفر البرية والبحرية، فضلاً عن تقديم خدمات الحفر الفنية.
إن “مپنا” تمکنت من خلال توسيع سوقها من تحقيق حصة كبيرة في تقديم خدمات الحفر الفنية وتنفيذ مشاريع الحفر باتجاه تطوير الحقول النفطية للبلاد.
وفيما يلي هو لمحة عامة عن تاريخ عمليات الحفر في إيران وما أضافته مجموعة “مپنا” إلى القدرة المحلية في هذا المجال.
كيف أصبحت "مپنا" الملحق التكنولوجي للحركة الوطنية لصناعة النفط الإيرانية؟
في صباح يوم 26 مايو 1908 للميلاد، اكتشف النفط لأول مرة في منطقة الشرق الأوسط، وذلك في منطقة “دره خرسان” بمدينة “مسجد سليمان” في محافظة خوزستان الايرانية(جنوب غرب ايران).
تم حفر البئر الأول بأدوات بسيطة وبدائية آنذاك حیث تم العثور عل النفط على عمق 338 متراً في تكوين “آسماري” وبدأ تشغيله عام 1911 للميلاد بإنتاج يومي قدره 500 برميل.
بعد ذلك، تم اكتشاف وتشغیل حقول نفطية أخرى بما فيها “هفتغل” و”أغاجاري” و”کجساران”، و”بازنان”، و”النفط الأبيض”، و”لالي”، و”الأهواز”، و”بینك”، و”بي بي حكيمة”، و”مارون وكرنج”، و”بارسي”، و”رغ سفيد” واحدة تلو الأخرى من قبل منقبی النفط. وفي هذه الأثناء، وبالتزامن مع تدفق النفط في الاقتصاد والسياسة الإيرانية، كانت هناك قضية واحدة لا تزال مهملة!
منذ أن بدأت عمليات التنقيب والتشغيل في صحاري إيران بأدوات بدائية، وبعد عقود وحتى بعد تأميم صناعة النفط في ايران، كانت تكنولوجيا الحفر والتنقيب لا تزال قضية غامضة؛ وحتى بعد أن تمكن الإيرانيون من تغيير معادلة عائدات النفط لصالح الحكومة الإيرانية بعد عام 1953 للمیلاد، ظلت مسألة تصنيع وصيانة معدات الاستخراج، بما في ذلك منصات التنقيب عن النفط في أيدي الشركات الأجنبية.
وفي مجال التنقيب عن النفط واستخراجه، كانت تتابع الشركات النفطية العالمية منذ سنوات نموذجاً مشابهاً لـ”ستاندرد أويل”، بحيث كانت تتحمل تكاليف التنقيب عن النفط واستخراجه وأصبح النفط المنتج ملكاً لها؛ وفي المقابل كان صاحب الأرض التي تتم فيها أعمال استخراج النفط يحصل على المال دون أي عناء.
فيمكن أن يكون مالك الأرض مزارعاً في الولايات الجنوبية الأمريكية أو حكومة دولة غنية بالنفط.
أصبح النفط أكبر مصدر للطاقة في العالم في ستينيات القرن الماضي وأدّى ذلك إلى حصول شركات النفط على الكثير من الدخل وهو نفس الوقت الذي أراد فيه الإيرانيون تغيير المعادلة مع حركة تأميم النفط.
لكن الوضع تغير منذ عام 2013 للميلاد بالنسبة للشركات الإيرانية الخاصة، فمنذ ذلك الحين ومع تغييرات في بعض القوانين، يمكن لشركة إيرانية خاصة أن تقوم بحفر بئر على نفقتها الخاصة وإدارة إنتاج النفط أو الغاز لعدة سنوات، وفي المقابل كان يتم إرجاع أصل وربح النفقات التي تكبدتها الشركة الإيرانية من إيرادات بيع النفط أو الغاز المنتج.
تم تعريف هذا النوع من العمل في اطار عقود تسمى ” عقود النفط الإيرانية IPC”.
في عام 2008 للميلاد ومع تغير الظروف الدولية، بدأت شركة “مپنا” لتطوير النفط والغاز عملها بتنفيذ مشروع تطوير حقل “فروز بي” للغاز وذلك بغية تنفيذ مشاريع تطوير حقول النفط والغاز القائمة.
تم اعتبار الإدارة الإستراتيجية وتنفيذ الخطط المختلفة لتطوير حقول النفط والغاز، بما في ذلك الاستكشاف والحفر وتوفير المعدات الأرضية ونقل المنتجات إلى المواقع المطلوبة، وإنشاء مصافي النفط والغاز والمنشآت الصناعية التابعة لها، جزءًا من أنشطة هذه الشركة.
وفي الوقت نفسه، قد كان الاستثمار المباشر في إنشاء وإدارة وإنتاج النفط والغاز إلى جانب تنفيذ مشاريع تطوير حقول النفط والغاز على شكل خطط تعاقدية تقليدية في صناعة النفط، وتنفيذ مشاريع النفط والغاز الكبيرة في شكل خطط EPC/EPCF وانشاء مصافي النفط والغاز ضمن الخدمات الأخرى لشركة “مپنا” لتطوير النفط والغاز (OGDC).
وبعد ذلك بقليل، وفي سبتمبر 2009، تم تأسيس شركة “نور كيش” لتطوير الطاقة في الشرق الأوسط (MEED) وذلك بهدف تنفيذ مشاريع الحفر البرية والبحرية، فضلاً عن تقديم الخدمات الفنية للحفر.
الشركة التي غیّرت اسمها إلى شركة “نور كيش” للحفر التابعة لـ”مپنا” عام 2013، ومنذ ذلك الحين، ومن خلال توسيع سوقها، تمكنت من الحصول على حصة كبيرة في تقديم خدمات الحفر الفنية وتنفيذ مشاريع الحفر لتطوير حقول البلاد.
والمهمة الرئيسية لهذه الشركة التي تعود أسهمها إلى مجموعة “مپنا” هي تنفيذ مشاريع الحفر المختلفة، بما في ذلك الهندسة والشراء والحفر وتقديم الخدمات المساعدة، كما أن هذه الشركة تتمتع بقدرات تنفيذية واسعة في المجالات الفنية للحفر مثل “خدمات الحفر الأساسية والأسمنت” /العمل الحمضي، قيادة الأنابيب، الرسم التخطيطي لطين الحفر، اختبار عرقوب الحفر باستخدام الأدوات الميكانيكية / خددمات استخدام الكرات لازالة السائل المتراكم في الأنبوب، اختبار السطح، اختبار عرقوب الحفر، اكتشاف التوازن، أنبوب الدماغ المتنقل، وضخ النيتروجين، إدارة نفايات الحفر”.
خلال 11 عاماً من النشاط، قد حققت شركة “مپنا” للحفر إنجازات كبيرة بما فيها انجازات في مجال المشاريع التشغيلية، كما أن العقود التي قامت “مپنا” بابرامها تعتبر إنجازاً مهماً ليس فقط لمجموعة “مپنا” بل لدولة إيران بأكملها.
وقد تمكنت هذه الشركة من خلال التوقيع على ثلاثة عقود مع شركة هندسة وبناء الصناعات النفطية (OVIC) لمدة ثلاث سنوات، وعقدين مع شركة “جستر بارس” للحفر واستكشاف الطاقة لمدة سنة واحدة، وثلاثة عقود مع شركة “دانا” للطاقة لمدة سنة واحدة، والتوقيع على اتفاقية مع شركة “تدبير” للطاقة البترولية لمدة سنة بالإضافة إلى العقود الحالية من تحقيق إنجازات مهمة في مجال خدمات الحفر الفنية .
في القسم الذي يتعلق بـ”تحت الأرض” من حقل “دانان” النفطي، تقدّم شركة “مپنا” للحفر خدمات متنوعة منذ 4 فبرایر 2019 للمیلاد بما في ذلك الخدمات الهندسية، وتوريد السلع، وتنفيذ عمليات الحفر، وتقديم خدمات الحفر الفنية المطلوبة، بما في ذلك استكمال وتطوير 11 حقلاً نفطياً جديداً في منطقة “دهلران” الواقعة في محافظة “إيلام” حيث يكون صاحب العمل شركة “مپنا” لتطوير النفط والغاز كممثلة عن مجموعة “مپنا” وصاحب العمل الرئيسي هو شركة النفط للمناطق الايرانية الوسطى.
وبلغت نسبة التقدم المادي الفعلي لهذا المشروع 80.75% حتى موعد تقديم التقرير، كما تم الانتهاء من أعمال حفر 7 آبار.
كما تم الانتهاء من أحد الآبار الأربعة المتبقية مؤخراً ومن المقرر أن يتم الانتهاء من البئرين الآخرين خلال شهري أبريل ويونيو من العام الميلادي المقبل.
سيتم الانتهاء من البئر الجديد الوحيد المتبقي بحلول 6 يوليو 2025 م وسيكون المشروع قابلاً للتسليم النهائي.
ومن الأنشطة الأخرى التي تقوم بها شركة “مپنا” للحفر، يمكن الإشارة إلى المشاركة في مشروع “شوريجة”.
وأيضاً نشاط خدمات الحفر الفني للعملاء خارج مجموعة “مپنا” مثل شركة النفط للهندسة والبناء، شركة المناطق الغنية بالنفط في الجنوب، شركة دانا، شركة “بجواك” للطاقة، شركة بتروإيران في مجال خدمات الحفر الفنية ومنها:
- أعمال الأسمنت
- تحفيز الآبار
- دفع الأنابيب
- اختبار في البئر النفطي
- اختبار السطح
- الحفر الأساسي
- رسم تخطيطي لطين الحفر
- إدارة مخلفات الحفر
ويستمر أيضاً النشاط في منطقة الحفر البحرية للمرحلة 11 من مجمع “بارس الجنوبي” على شكل تأجير يومي لجهاز الحفر لشركة بتروبارس.
كما يرى خبراء في مجال الحفر أن الانتهاء بنجاح من مشروع “دانان” باعتباره أحد المشاريع المحلية القليلة التابعة لوزارة النفط الايرانية، سيشكل ميزة تنافسية جيدة لعلامة “مپنا” التجارية.
وبحسب التقديرات، فإن مجمل هذه الأنشطة دفع نحو 60 عاملاً محلياً للعمل في قطاع تحت الأرض لمدة 23 شهراً.
وفي عام 2018، وقعّت مجموعة “مپنا” على اتفاقية مع شركة النفط الوطنية الإيرانية لتنفيذ برنامج زيادة إنتاج النفط من حقلي “بارسي” و”برنج” النفطيين في إطار عقد IPC.
وفي هذا المشروع، سيتم زيادة إنتاج حقلين نفطيين في منطقة جنوب غرب ايران من خلال حفر الآبار وتركيب منشآت جديدة.
وتسبب نفس العقد في اختيار مجموعة “مپنا” كسابع أفضل شركة مقاولات للمقاولات الهندسية وتوريد وبناء منشآت النفط والغاز في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الفترة من خريف 2019 الى خريف 2020 م، بحسب إعلان مجلة ميد العالمية.
وبحسب تقرير هذه المجلة الموثوقة، فقد تركت “مپنا” أداءً جيدًا من خلال التوقيع على اتفاقية بقيمة 876 مليون دولار لتطوير حقلي “بارسي” و”برنج” مع الشركة الوطنية للمناطق الجنوبية الغنية بالنفط.
وفي أقل من عقدين من الزمن، تمكنت الشركات الإيرانية الخاصة من تلبية احتياجات صناعة النفط والغاز في البلاد إلى حد كبير.
طالما أن مجموعة “مپنا” يمكنها الآن أن تقف أعلى من منافسيها المحليين وتضمن مكانتها في مستقبل هذه الصناعة بسبب ميزتها التنافسية ودعمها المالي القوي والمعرفة التقنية وبالطبع القدرة على استيعاب السلع المحلية واستهلاكها.
وبحسب الخبراء، فإن خدمات الحفر المساعدة التي تقدمها شركة “مپنا” لا مثيل لها بين الشركات الإيرانية، وقد زادت كفاءة منصات الحفر بشكل كبير لدرجة أن الشركة حطمت الرقم القياسي للحفر الأساسي، وسجل دفع الأنابيب في بعض الأحجام، كما حطمت الرقم الأساسي للحفر في حقل “دانان” النفطي.
ومن حيث القيمة المالية للمشاريع التي أضافتها إلى محفظتها، فقد حققت مجموعة “مپنا” إنجازاً متميزاً بين الشركات المنافسة، ويمكن القول إنه لن تكون هناك تحديات صغيرة وكبيرة في تنفيذ هذه المشاريع، ولكن في الوقت نفسه، يمكننا أن نأمل أن يؤدي التنفيذ الناجح للمشاريع الكبيرة والمختلفة عن بعضها البعض إلى توفير الخبرات المتراكمة القيمة لقطاع النفط والغاز في مجموعة “مپنا”.