التركيز على التحول الاستراتيجي في ظل الظروف المعقدة وغیر المستقرة
خلال هذا المؤتمر الذي انعقد لمدة يومين، تم إلقاء محاضرات هامة، كما انعقدت حلقات النقاش المتخصصة بحيث تم فيها المقالات العلمية حول مواضيع “الاستشراف الاستراتيجي”، و”القدرة التنافسية الوطنية”، و”حوكمة الشركات”، و”المسؤولية الاجتماعية”، و”استدامة الأعمال”، و”الإدارة في الظروف غير المستقرة (VUCAD)”، و”التحول الرقمي”، كما تمت مناقشة المواضيع ذات الصلة.
جائزة الاستراتيجية الوطنية؛ قياس النضج الاستراتيجي باستخدام نموذج محلي
وبالتزامن مع هذا المؤتمر، أقيمت الدورة الثانية من جائزة الاستراتيجية الوطنية، بهدف التقييم المنهجي لأداء المنظمات في صياغة وتطبيق الاستراتيجيات الفعالة.
وتقوم هذه الجائزة بتحليل المنظمات في خمسة مجالات رئيسية بما في ذلك “التوجه الاستراتيجي”، و”آليات صنع القرار”، و”الأصول والقدرات”، و”كيفية تنفيذ الاستراتيجية”، و”الإنجازات الاستراتيجية”، وذلك استناداً إلى نموذج تقييم أصلي وتطبيقي. الهدف الرئيسي من هذه الجائزة هو تعزيز مستوى التفكير الاستراتيجي وتحديد النماذج الناجحة في البيئة الاقتصادية للبلاد.
ممارسة الأعمال التجارية في إيران: تحليل التحديات والمتطلبات في حلقة نقاش متخصصة
وفي أحد الأقسام المهمة لهذا المؤتمر، عقدت حلقة نقاش متخصصة حول “التحديات ومتطلبات ريادة الأعمال في إيران” بحضور كبار المدراء في بعض أكبر الشركات القابضة في الجمهورية الاسلامية الايرانية.
في هذا الإجتماع المتخصص، قام كل من المدير التنفيذي لمجموعة “مپنا”، والمدير التنفيذي لشركة “شستا”(شركة استثمار منظمة الضمان الاجتماعي في إيران)، وعضو مجلس إدارة مجموعة “أميد”(الأمل) للاستثمار، والمدير التنفيذي لمجموعة التنمية الوطنية، وعضو هيئة التدريس في جامعة طهران بمناقشة تجارب ومعوقات ومتطلبات ريادة الأعمال في إيران.
نبذة عن تجربة أعمال مجموعة “مپنا” في صناعة الطاقة والنقل
أشار المدير التنفيذي لمجموعة “مپنا” الصناعية “محمد أولياء” إلى تاريخ إنشاء هذه المجموعة، مؤكداً أن مسار “مپنا” لتصبح شركة قابضة يختلف بعض الشيء عما تمت تجربته في المجموعات الأخرى. في العديد من الشركات، كان تأسيس شركة قابضة قراراً استثمارياً أو تنظيمياً منذ البداية، لكن في شركة “مپنا” لم يكن الأمر كذلك، ولم تكن هناك نية لتأسيس شركة قابضة، بل تم تشكيل هذا المسار بالكامل ضمن التطور الطبيعي للأعمال. وعلى عكس العديد من الشركات القابضة الاقتصادية، تأسست “مپنا” على أساس مشروع صناعي وبنهج متخصص.
وأضاف: “قبل 32 عامًا، تأسست شركة “مپنا” بهدف إدارة مشاريع محطات الطاقة. وقد انبثقت الشركة من خبرة إدارة مشروع محطة “الشهيد رجائي” للطاقة، ومع نمو حجم المشاريع في التسعينيات بالقرن الماضی، برزت الحاجة إلى دخول مجال تصنیع المعدات. وفي العقد الأول من القرن الحادي والعشرين للمیلاد، دخلت مجموعة “مپنا” مجال تصنيع المعدات الأساسية مثل التوربينات والمولدات وأنظمة التحكم، مما کان بمثابة نقطة تحول في جهود هذه المجموعة لتحقيق التنمية والنمو الصناعي.
وقال المدير التنفيذي لمجموعة “مپنا”: “تعمل هذه المجموعة الكبيرة حالياً في ثلاث صناعات رئيسية وهي “صناعة محطات الطاقة”، و”النفط والغاز”، و”النقل”، وكلها تدور حول الطاقة، وتعتمد استراتيجيتها على الاستدامة والتنويع والتكيف مع الظروف الاقتصادية للبلاد”.
وقال محمد أولياء: “إن سياستنا في تنمية وصيانة محفظة الأعمال تختلف بطبيعة الحال عن سياسات الشركات القابضة الأخرى بحیث إننا نسعى في هذه الشركة القابضة إلى الحفاظ على الوضع الراهن وتنمية مجموعتنا، وهو ما يتطلب التغيير والتحديث المستمر لاستراتيجية المنظمة، وهذا هو الأساس لتخطيط محفظة أعمال الشركة القابضة في مپنا”.
واعتبر أن إدارة السيولة تعدّ من التحديات الرئيسية في الحفاظ على المجموعات ونموها، مشيراً إلى أن “إدارة السيولة هي القلب النابض للأعمال، وعامل البقاء والنمو ورؤية لمستقبل المجموعة، وفي غياب التوجيه السليم للموارد المالية، سوف يتعطل مسار التنمية. وبناءً على ذلك، لعب البحث والتطوير وتطوير التكنولوجيا خلال السنوات الخمس عشرة الماضية دورًا أساسيًا وبارزًا للغاية في مجموعة “مپنا”.
أشار المدير التنفيذي لمجموعة “مپنا إلى تركيز هذه المجموعة الصناعية على ثلاث صناعات رئيسية، وقال: “تُشكل صناعات الطاقة الكهربائية والنفط والغاز والنقل، المحاور الرئيسية الثلاثة لأنشطة مجموعة “مپنا”، وتعتبر صناعة الطاقة، رغم حساسيتها وتحدياتها العديدة، إحدى أهم مجالات عمل “مپنا”. وقد سعينا جاهدين للقيام بدور فاعل في التنمية المستدامة لهذه الصناعة رغم كل المعوقات”.
فيما يتعلق بالاستثمارات الجديدة وإلغاء مجالات جديدة وكيفية إدارة هذه العملية، قال المدير التنفيذي لمجموعة “مپنا”: “في السنوات الأخيرة، انتهجت شرکة “مپنا” نهجًا جادًا في تحسين محفظة أعمالها. وكان التركيز على المجالات ذات القيمة المضافة العالية وإلغاء الأنشطة التي لا تتوافق مع استراتيجية “مپنا” جزءًا مهمًا من هذا المسار”.
وفي معرض ردّه على سؤال حول “أسلوب اتخاذ القرارات لدى الإدارة العليا في مپنا في ظل الظروف الاقتصادية المعقدة والبيئات المحلية والدولية”، قال المدير التنفيذي لـ”مپنا”: “عندما تصبح أي شركة صناعية كبيرة وذات سمعة طيبة، فإنها ستواجه بطبيعة الحال تحديات أوسع. وهذا ينطبق أيضًا على مجموعة مپنا. فالقضايا الاقتصادية، وتقلبات أسعار الصرف، والظروف الدولية، وغيرها من المتطلبات، تؤثر بشكل مباشر على قرارات وأداء هذه المجموعة الصناعية”.
وأضاف أن الثقافة الاجتماعية والاقتصادية للبلاد لها إطارها الخاص، وهذا الهيكل، حتى مع تغير الظروف الدولية، يستغرق وقتاً طويلاً ولن يتغير بسرعة. لذلك، يجب أن نصيغ سياساتنا وخططنا بناءً على الواقع الراهن والقيود الداخلية والخارجية”.
وقدّم “محمد أولياء” مثالاً ملموساً، مشيراً إلى إحدى أهم التجارب في صنع القرار في الظروف المعقدة، قائلاً: في تسعينيات القرن الماضي، اعتمدت شركة “مپنا” في تنفيذ المشاريع نهجاً تعاقدياً، إلا أنها في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين للمیلاد، وبسبب سياسات جهة التوظيف الحكومية آنذاك، اتجهت نحو تصنيع المعدات والاستثمار في محطات الطاقة الخاصة. ومنذ العقد الثاني من القرن الـ21 للميلاد، اتجهت أيضاً نحو التنمية القائمة على التكنولوجيا والتنمية المحلية.
وأضاف أنه بدأت أول تجربة لنظام البناء والتشغيل ونقل الملكية (BOT) في البلاد بمشاركة شركة “مپنا”. نُفذ هذا المشروع في البداية بناءً على سعر الصرف، ولكن مع تأخر تحصيل المستحقات، واجهت الشركة ديونًا بالعملة الأجنبية نتيجة حصولها على تسهيلات مصرفية. وبالطبع، وبفضل المتابعة والجهود المتواصلة، أدت هذه العملية في النهاية إلى تعویضات ضريبية، وتسديد الديون، وحل بعض التحديات، إلا أن الطريق كان صعبًا للغاية، ويستغرق وقتًا طويلاً، ويتطلب اتخاذ قرارات دقيقة.
وأخيرًا، ردّاً على سؤال حول استقرار المدراء وأثره على التنمية المستدامة، أكد المدير التنفيذي لمجموعة “مپنا” على أهمية استقرار الإدارة، وقال: “لم تشهد مجموعة “مپنا” سوى ثلاثة مدراء تنفيذيين في عامها الثاني والثلاثين من التأسيس. وهذا يدل على استقرار أعلى مستويات الإدارة، ويشكل عاملًا فعالًا في استمرارية البرامج والتوجه المتماسك نحو التطوير والتآزر في سلسلة القيمة”.
ومن الجدير بالذكر أن هذا الحدث أقيم يومي 24 و25 مايو / أيار 2025 م في قاعة “الغدير” للاجتماعات بكلية الإدارة التابعة لجامعة طهران، وذلك بهدف دراسة أحدث التطورات الوطنية والدولية في مجال القيادة الاستراتيجية وتعزيز العلاقة بين الأوساط الأكاديمية والصناعة وصنع السياسات.