مناخ إيران الجاف ومسؤولية "مپنا" الاجتماعية
كيف يمكن لشركة قائمة على المعرفة أن تواجه التهديدات البيئية؟
التصحر الناجم عن الجفاف والمجاعات الشديدة في أواخر الستينيات وأوائل السبعينيات من القرن الماضي، باعتباره أحد مشاكل البلدان النامية على الساحة الدولية، دفع علماء المناخ والنشطاء البيئيين إلى إختيار يوماً لمكافحة التصحر والجفاف في عام 1994.
وفي هذا السياق، تم إختيار يوم 17 يونيو من كل عام في التقويم العالمي للتوعية بظاهرة التصحر، لكنه من المؤسف أنه منذ اختيار هذا اليوم عام 1994، تفاقم الوضع حيث تحدث علماء المناخ عام 2022 عن الفرصة الأخيرة لإنقاذ الأرض.
ويظهر الوضع الحالي بوضوح أن الأهداف الأولية المتمثلة في اختيار اليوم العالمي لمكافحة التصحر والجفاف لم تتحقق على الإطلاق، وما زلنا بعيدين عن رفع مستوى الوعي العام حول حالة الأرض.
إن تقدم الصحاري في آسيا وإفريقيا وأستراليا وحتى أمريكا الجنوبية، إلى جانب ظاهرة تغير المناخ والاحتباس الحراري، قد خلقا وضعاً ربما لم يتخيله علماء التسعينيات حتى في أسوأ توقعاتهم.
ما هو التصحر؟
التصحر (Desertification) ظاهرة تحدث نتيجة للسلوك البشري الخاطئ في الطبيعة، كما أن هذا السلوك الخاطئ يؤدي الى تدهور التربة في المناطق الجافة وشبه القاحلة والمنخفضة الرطوبة، والذي تسببه عوامل مختلفة بما في ذلك تغير المناخ والأنشطة البشرية.
ومن العوامل العديدة التي تؤدي إلى حدوث التصحر هي الاستفادة غير السليمة للأراضي الزراعية، والاستخدام المفرط لطبقات المياه الجوفية مما يؤدي إلى ملوحة المياه وأخيراً ملوحة التربة، كما أن الرعي الجائر وأكثر من طاقة المراعي يؤدي أيضاً الى التصحر.
إن الجمهورية الاسلامية الايرانية تمتلك 1.2% من الأراضي الجافة في العالم، و2.4% من الظواهر الصحراوية المكشوفة، و3.08% من المناطق الصحراوية في العالم.
كما أنه تقع 61% من مساحة إیران في المناخ القاحل وشديد الجفاف، وهي 3.1 أضعاف النسبة العالمية (19.6 بالمائة).
على الرغم من أن 32.5 مليون هكتار من أراضي إیران تقع في حالة صحراوية، إلا أنه يوجد 43.7 مليون هكتار في النظام البيئي الصحراوي من حيث تقسيمات النظم البيئية ويتأثر 20 مليون هكتار من النظام البيئي الصحراوي بالتآكل بفعل الرياح، ومن هذه المساحة، يوجد 6.4 مليون هكتار في منطقة مراكز الأزمات التي تشمل 182 منطقة، و97 مدينة، و18 محافظة في البلاد.
مسؤولية "مپنا" عن مستقبل مناخ إيران
إن أولوية مكافحة ظاهرة التصحر هي منع تدهور الأراضي التي لم يتم تدهورها بالكامل بعد أو كانت كمية التدهور فيها منخفضة، كما ينبغي أيضاً النظر في الخطط العلاجية للأراضي المتدهورة.
إن مجموعة “مپنا” بسبب المسؤولية الاجتماعية التي قد حددتها لنفسها، قد دخلت في قطاعي تحلية مياه البحر وإعادة تدوير مياه الصرف الصحي، ولديها القدرة الفنية اللازمة في هذا المجال بحيث يمكن القول إنه إذا تم توفير الأرضية اللازمة، فإن مجموعة”مپنا” تقدر على تغيير حالة التوسع الصحراوي والجفاف في إيران إلى حدّ كبير خلال فترة زمنية محددة.
وبدأ التصحر في إيران رسمياً في عام 1965 للميلاد من خلال إنشاء مكتب شؤون الصحراء التابع لمنظمة إدارة الغابات والمراعي ومستجمعات المياه في البلاد.
وبعد ذلك تم إنشاء مكتب تحت عنوان “المهاد النفطي” في هيئة الغابات، وكان سبب إنشائه هو مكافحة التعرية بفعل الرياح وبرامج مكافحتها في البلاد في ذلك الوقت.
وبعد مرور أكثر من نصف قرن على إطلاق هذا المكتب وظهور آثار التصحر التي لا يمكن إصلاحها على طبيعة إيران، لابدّ من القبول بأن مكافحة الجفاف والضغط على موارد المياه الجوفية بتبرير الزراعة كان لها عواقب لايمكن إصلاحها على حياة المواطنين الإيرانيين حتى اليوم حیث يمكن ملاحظة بعض آثاره في إغلاق الادارات والمدن بسبب تدفق الغبار الناعم.
والمشاهد التي نشهدها أحياناً في سماء بعض المدن الإيرانية لا يمكن رؤيتها إلا في المدن الواقعة على أطراف الصحراء حيث قد وصل خطر التصحر على مناخ البلاد حالياً إلى حدود العاصمة الايرانية طهران، وحان الوقت لاتخاذ قرار جدي لإبطاء هذه العملية.
في الواقع، يمكن لمؤسسات صنع السياسات تسهيل الاستثمار في صناعة المياه وجعلها اقتصادية من خلال تغيير إجراءات بيع المياه الرخيصة للمستهلكين، وستكون هذه الصناعة قادرة على توفير جزء من المياه التي يحتاجها قطاع الصناعة والشرب والزراعة باستخدام القوة التقنية لمجموعة “مپنا” بدلاً من مصادر المياه الجوفية والأنهار.
وتمتلك الجمهورية الاسلامية الايرانية حدوداً مائيةً بطول 2700 كيلومتر في بحر قزوين وبحر عمان والخليج الفارسي، وهذا الموقع الاستثنائي يمكن أن يقوم بتفعيل العديد من القدرات المحتملة في هذه العملية.
إمدادات المياه في جزيرة قشم
إن مشروع التوليد المتزامن للكهرباء والمياه في جزيرة “قشم” جنوب ایران بما في ذلك التصميم والتصنيع وتوريد المعدات قد تمكن من إنتاج 4 وحدات تحلية حرارية تبلغ قدرة كل منها 4500 متر مكعب من المياه العذبة يومياً.
إن توفير المياه العذبة في الشريط الساحلي الجنوبي لايران يتيح للمناطق المركزية للبلاد إمكانية التوقف عن استخدام الطاقات الموجودة في المياه الجوفية وتجنب عواقبها المناخية في المستقبل القريب.
ومع ذلك، لا ينبغي أن ننسى أنه يتم عكس الاتجاه المتقدم للصحاري فقط عندما تحدث تغييرات جذرية في الاتجاهات والسلوكيات المحلية والدولية، وستقودنا هذه التغييرات خطوة بخطوة نحو تحقيق الأمن الغذائي لسكان العالم المتزايدين والاستخدام المستدام للأراضي.
فلذلك، فإن التصحر بالمعنى الحقيقي ليس سوى جزء من هدف أكبر بكثير، وهو التنمية المستدامة للبلدان المتضررة من الجفاف وتقدم الصحاري.
جزء من هذا التطور المستدام في أدبيات مجموعة “مپنا” يعني إنشاء أعمال توليد المياه العذبة وإعادة تدوير مياه الصرف الصحي في الشريط الساحلي لإيران.
في المشروع الأخير الذي أطلقته مجموعة “مپنا”، حصل 70% من سكان جزيرة “قشم” الايرانية على المياه العذبة.
تتمتع مشاريع مثل إمدادات مياه قشم بالقدرة على زيادة القدرة على توفير مياه الشرب للمدن الواقعة على حافة الصحراء، فضلاً عن إعادة التدوير الأمثل لمياه الصرف الصحي للأغراض الزراعية.
وفي الوقت نفسه، يمكن استخدام المياه الجوفية والمياه الزائدة الناتجة عن معالجة مياه الصرف الصحي في مشاريع زراعة الغابات لإنشاء حزام أخضر لمكافحة التصحر.